حلم لم يكتمل

حلم لم يكتمل

لم يكن السائق “محمد” يدري ما يخبئه له القدر، ظل يواصل العمل ليلا ونهارا حتى يكون مستعدا لاستقبال طفله الذي طال انتظاره. لقد تزوج منذ 5 سنوات وأنجبت له زوجته طفلتين وعندما حملت للمرة الثالثة بشره الطبيب أن القادم ذكر. طار من السعادة ومرت 7 اشهر على الحمل وهو لا يرفض عملا مهما كان شاقا أو بعيدا، لابد أن يحتفل بطفله القادم احتفالا كبيرا ويقيم له “سبوع” يتناسب مع فرحته به وطول انتظاره له، لم يكن يعرف أن القدر يخبئ له أسوأ نهاية وأن طيبة قلبه هي التي ستقوده إلى حتفه...
على مدى 5 أيام ظلت سيارة النقل واقفة في أحد الطرق الفرعية بطريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي، لم تتحرك من مكانها أو يقترب منها أحد، وعندما ارتاب خفير مزرعة للدواجن بالمنطقة في الامر اقترب منها لاستطلاع الأمر، معتقداً في البداية أن السيارة تعطلت فتركها سائقها ليبحث عن “ميكانيكي” لإصلاحها ولكنه عندما اقترب منها اشتم رائحة كريهة تنبعث منها وألف بابها غير مغلق وعندما فتحه فوجئ بوجود جثة في حالة تعفن في كابينة السيارة فأسرع الى المزرعة واخطر الشرطة التي حضرت على الفور وبالفحص تبين ان الجثة بها إصابة بفروة الرأس من الخلف كما عثر على آثار دماء داخل الكابينة وأن السيارة محملة بأجولة فول الصويا بينما المقطورة فارغة وبالاستعلام عن السيارة تبين وجود بلاغ بغياب سائقها محمد حسين محمد (38 سنة) منذ 5 أيام سابقة على اكتشاف الجريمة، وأن السائق يتمتع بسمعة طيبة ولا توجد بينه وبين أحد خلافات قد تكون دافعا لارتكاب الحادث، وأنه يعمل على السيارة منذ فترة طويلة حيث ينتقل بها بين المحافظات لنقل الحمولات المختلفة، وأضافت التحريات أن السائق يصاحبه في عمله “تباع” اسمه إبراهيم لكنه تخلف عن السفر في المهمة الأخيرة لخلافه مع مالك السيارة على الأجر.

ظلت الجريمة غامضة فترة طويلة من الوقت حتى كشفت معلومة أدلى بها عامل بإحدى محطات البنزين لرجال المباحث سر الحادث، اذ قرر أنه يعرف السائق القتيل الذي اعتاد “تموين” سيارته بالسولار من المحطة التي يعمل بها وشاهده يوم اختفائه يلتقي مع شخص اسمه “إيهاب” على مقربة من محطة البنزين ثم اصطحبه معه في السيارة، وتوصلت التحريات إلى أن “إيهاب” معروف بسوء السمعة والسلوك ويمارس عمله كتباع على فترات متقطعة وعلى سيارات مختلفة، وأنه مرتبط بخطوبة فتاة منذ نحو عامين ويمر بضائقة مالية نظرا لتهديد والد خطيبته له بفسخ الخطبة وتزويجها بشخص آخر يستطيع توفير شقة العرس وتأثيثها بالشكل الذي يتناسب مع جمال ابنته.

تم استئذان النيابة للقبض على “إيهاب” وبتفتيش منزله عثر على بنطلون عليه آثار دماء، وبمواجهته بأقوال عامل محطة البنزين وتضييق الخناق عليه انهار واعترف تفصيليا بقتل السائق المجني عليه وسرقة حمولة مقطورة السيارة من أجولة فول الصويا وبيع المسروقات لأحد التجار مقابل 13 ألف جنيه حتى يتمكن من تدبير تكاليف الزواج، وأنه التقى مصادفة مع السائق “محمد” واتفق معه على مصاحبته للعمل معه كتباع للسيارة بعد ترك “التباع” الأصلي للعمل، وأثناء سيرهما بالطريق ادعى أنه يلاحظ وجود خلل في أحد إطارات السيارة فتوقف المجني عليه وعندما اطمأن على الإطارات وعاد إلى “الكابينة” عاجله بضربة على رأسه بقطعة حديد كان يخفيها في ملابسه حتى تأكد من موته ثم وضع الجثة في المقعد الخلفي واخفاها ببطانية حتى لا يشاهدها أحد وقاد السيارة بنفسه إلى مخزن تاجر فول الصويا حيث قام بتفريغ الحمولة وتقاضى الثمن المتفق عليه ثم قاد السيارة مرة أخرى وتركها في الطريق الجانبي وبداخلها جثة المجني عليه حيث تم العثور عليها، بعدها توجه إلى منزل خطيبته وأعطاها 7 آلاف جنيه وطلب منها الاحتفاظ بالمبلغ لشراء مستلزمات الزواج.

أحيل المتهم إلى النيابة حيث أعاد اعترافاته بالتفصيل كما أعاد تمثيل جريمته البشعة فأمرت النيابة بحبسه على ذمة التحقيق بتهمة قتل السائق عمدا مع سبق الإصرار، كما أمرت النيابة بحبس تاجر فول الصويا الذي تبين أنه اشترى الفول بسعر الطن 350 جنيها في حين أن ثمنه الأصلي 1300 جنيه وأحالتهما إلى محكمة الجنايات التي قضت بإعدام السائق وعاقبت تاجر الفول بالحبس 3 سنوات

ممشكووووووووووووور
ويعطيك الف عافية
تقبل مروري واحترامي